في الذكرى السادسة
والثلاثين ليوم الأرض الخالد
ستة وثلاثون عاما مرت على أحداث يوم الأرض في مثل هذا اليوم من عام
١٩٧٦ ، حين وقف فلسطينيو الداخل وقفة رافضة لإجراءات الحكومة الاسرائيلية
في ذلك الحين، لمصادرة آلاف الدونمات من أراضيهم التي تبقت بعد استيلاء
السلطات الإسرائيلية على معظم الأراضي العربية منذ قيامها عام ١٩٤٨ وحتى
ذلك العام.
ستة وثلاثون عاما كانت حافلة بالأحداث الجسام في طول الأراضي الفلسطينية
وعرضها. وأثبت هذه الأحداث ليس فقط أن الشعب العربي الذي يعيش في
فلسطين التاريخية- اسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة عام ١٩٦٧ - هو
شعب فلسطيني واحد، وإنما كذلك أن الممارسات الاسرائيلية التي تطبق ضد
فلسطينيي الداخل هي نفسها التي لم تكف اسرائيل عن تطبيقها في الأراضي
الفلسطينية المحتلة، سواء بسواء.
نهب الأراضي وسرقتها، تحت يافطة المصادرات، طبق أولا في الداخل، ثم
بعد احتلال ١٩٦٧ طبق بحذافيره في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية.
في الداخل أقيمت الكيبوتسات والمستعمرات على الأراضي التي يملكها العرب،
كما بالمثل بنيت هنا مئات المستوطنات فوق الأراضي التي صادرتها السلطات
الاسرائيلية من أصحابها الفلسطينيين، أو أنها سرقت تحت مسمى الأراضي
الأميرية، وهي أراض مجاورة لمسطحات القرى والمدن الفلسطينية، وتعتبر
المجال الحياتي العمراني والاقتصادي للتجمعات السكانية الفلسطينية، ما
يجعل مصادرتها بمثابة خنق للنمو العمراني والسكاني الفلسطيني في هذه
المناطق.
هذه الممارسات الاسرائيلية تؤكد، بما لا يدع مجالا للشك، أن اسرائيل لا تسعى
للسلام العادل المنسجم مع قرارات الشرعية الدولية، وإنما كل همها هو ابتلاع
الأراضي الفلسطينية بشكل ممنهج ومستمر. ومن أجل هذا الهدف رفضت كل
مبادرات السلام لأن تحقيق السلام الحقيقي سيكف يدها عن سلب الأراضي
الفلسطينية. وقد شاهد العالم كله عنف المستوطنين بعد اتفاق اوسلو، حيث
لم يتورع اليمين الاسرائيلي المتطرف حتى عن قتل رئيس وزرائهم اسحق رابين
عام ١٩٩٥ من أجل وقف عملية السلام.
ومن أجل الاستيطان فوق الأراضي الفلسطينية المسلوبة، رفض رئيس وزراء
اسرائيل الحالي بنيامين نتنياهو صفقة في منتهى الكرم، عرضها عليه الرئيس
الأميركي باراك اوباما العام الماضي لتزويد اسرائيل بأحدث الأسحة المتطورة
وبالحماية العسكرية فيما لو قام بتجميد الاستيطان لمدة شهرين فقط.
يوم الأرض يذكر الفلسطينيين بالممارسات الاسرائيلية قديمها وجديدها
وسجلها في انتزاع الأرض من أصحابها واعتبارها الفلسطينيين طارئين على أرض
وطنهم، أو مجرد نواطير على أرضهم .
لكن الشعب الفلسطيني ليس طارئا ولا وافدا على أرض وطنه، وإنما هو متجذر
فيها، صامد في جوانبها، لأنه طليعة أمة عربية وإسلامية تعتبر فلسطين وقضية
فلسطين قضيتها. وهي مع تطلعها للسلام العادل، تمتلك الإمكانات للضغط مع
المجتمع الدولي من أجل حصول الشعب الفلسطيني على كامل حقوقه الوطنية
المشروعة.
وقد أثبت الفلسطينيون في الداخل وفي الأراضي الفلسطينية المحتلة أنهم
متمسكون بأرضهم، وأن الضغوط الاسرائيلية لن تثنيهم عن هذا الصمود. وهذا
ما يستذكره شعبنا بهذه المناسبة، في كل ذكرى تتجدد لإحياء يوم الأرض في
الداخل، وفي الأراضي المحتلة على وجه الخصوص.