سميح القاسم.. عن الآلام والوطن والعمر والمرض والحب وغير ذلك
------------------------------------------------------------------
الشاعر الفلسطيني سميح القاسم
بيروت - ، رويترز - يطل الشاعر الفلسطيني سميح القاسم في مجموعته الصادرة اخيرا "كولاج 3" حاملا الى قرائه عالما ألفوا كثيرا منه عند الشاعر.. ولكنه يضيف الى ما ألفوه هم اشياء ألفها هو بفعل العمر والاحداث المؤلمة.
فإلى الوطن الحزين وإلى الشعر الوطني الذي عودنا عليه سابقا من عرفوا باسم شعراء الارض المحتلة يضيف سميح القاسم الكثير وإن لم يكن هذا الكثير جديدا في كليته بل يشبه اليوم البارحة لكن بقدر اقل من الامل شبه المعدوم وبكثير من الحزن وعزة النفس.
يحدثنا سميح القاسم عن الالام نفسية وجسدية وعن الوطن والعمر والمرض والحب وعن امور اخرى يحولها الى مقاطع شعرية تتألف كل منها من عدد من الابيات تراوح بين الشعر الحديث متعدد القوافي والوزن وبين انعدام القافية احيانا وبين قصائد نظمت وفقا للنمط الكلاسيكي وزنا وقافية ودويا وإن يكن هنا دويا حزينا في غالبه.
وقد جاءت المجموعة في 85 صفحة متوسطة القطع وصدرت عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر وعن مكتبة ''كل شيء".
القصيدة الاولى التي يستهل الشاعر بها مجموعته حملت عنوان "كولاج 3 (أ)" وفيها يقول:
"الطريق طريقي
ولابد لي من طريق
بين نارين
نار العدو
ونار الصديق!
ملعقة
اطلب ملعقة لحسائي
كي يشربني بأناقته الصلدة
عراب المافيا
اتفرج من قاع الصحن المسكين
كيف تقشرني اكواز التين
كي تأكلني في متعة شهوتها
بالشوكة والسكين
تحدق في المرايا
فماذا تراها ترى في
غير الذي ارتكبت من خطايا؟
تحدق في المرايا
وتخجل مني
تحار بأمري الدروب
فقد عبرتني مراراً
ولما تصل..
هنا مركز الكون في نار قلبي
فلا تخطئوا يا عباد
ولا تفرحوا بالرماد..
ايها الاخوة الطيبون الكرام
ربما تذكرون فمن قبل خمسين عام
قال لي الموت الزؤام
انه يشتهيني فتيا
فلا تخذلوه اذا مت شيخا عجوزا
وقولوا له: إيها الموت
مات على دين شيخ.. غلام
وينتقل الى كلاسيكية يقول فيها:
استقبل اليأس ام استجل الاملا
وما السبيل وناري توصد السبلا
انا المقيم على ليل يؤرقني فما رحلت ولا كابوسه رحلا
مكثت وحدي بلا صحب اعاشرهم على ديار غدت من بعدهم طللا
نهاري القصير طويل
على دهر حزني
وليلي القصير طويل
على نار قلبي ودمعة عيني..
ماذا افعل بالخطر الملموس المحسوس
يا اخواني
شدة اسناني
ينخرها السوس
سطوت على اناشيدي وداري ولم تطفيء دمي ولهيب ناري
تشيد من رماد الحزن جسما وروحك لا تكف عن انهيار
وما تعلي يؤول الى سقوط وما تبني يحول الى دمار
البرق يضرب مرة
والبرق يضرب مرتين ثلاث مرات ويضرب
مرة او ألف مرة
وأنا رماد البرق
قد تجدون في رمضاء روحي البرق
جمرة
ويستهل "كولاج 3 (ب)" بكلاسيكية يقول فيها:
ارصد على جسدي سجونك
وأفتح على روحي جنونك
وأرصد خطاي على القيود وفي دمي مارس فنونك
هي ليلة اخرى تسهر ثورتي فيها جنونك
لا يوم يغريني.. ولعنة يقظتي تدمي جبينك
لا تبصره بالميكروسكوب ويدعى فيروس
وهو قوي وخطير قد يصرع بالنوك اوت
بطل الجودو والكيك بوكس والتايكاندو
وهو صغير لا تدركه العينان
اين العبرة يا اقوى خلق الخالق
يا ولدي الانسان
يجس طبيبي ما تشاء المواجع
ويتبعه ثان يرى او يراجع
ويظهر بعد الفحص للداء موقع وتتبعه بعد الفحوص مواقع
ويخفق في الاسلاك قلب مكهرب وتشهر في وجهي الحزين المباضع
ويهمس من حولي الاطباء: حالة محيرة ما السر؟
والبحث تابع
وأهمس في قلبي لقلبي مطمئنا سلمت فداء الحب يا قلب نافع
وأقسم ان احميك من كل مبضع لانك يا قلبي كما انت رائع
وانك يا قلبي كما انت رائع!
وفي "كولاج 3 (ت)" يقول:
خيبتي من بنيك ابتداء
ولم تنطفيء لهفتي
حينما اشتعلت خيبتي
آخ يا امتي
ثمرتي لم تزل..ثورتي.
"في فناجين قهوتنا
نكهة حالمة
تنتهي في دخان سجائرنا الواهمة
انما
في توابيتنا.. حكمة دائمة.
لم يعد من سبيل لنا
بين بغداد والقاهرة
لم يعد من سبيل.. سوى
ما تتيح الجوازات والطائرة.
وفي كولاج اخر يقول:
حكمة الموت والحياة عزاء عن مصاب بغيره ان دهانا
يتعزى بنا سوانا
وإنا نتعزى بما يصيب سوانا
وفي قصيدة قرب نهاية المجموعة يقول:
تفاهمت يوما مع اليأس. قلت
سأعطيك لو شئت حزني.
وشاء لي اليأس شاء كثيرا
ولا استطيع سوى ان اغني
انا يائس منك يا يأس.. انت تريد
الكثير ولا استطيع القليل فدعني
ودعني وشأني.